Featured Video

مرحبا بكم في مدونة مدرسة الليمون بتازة،نتمنى أن تنال رضاكم

الشعب يريد قدما ، ثم حذاء على مقاس القدم / بقلم أجراوي مولود

إن احتكاكنا شبه اليومي بالمدرسة الابتدائية ، من خلال قيامنا بعملنا ، يعطينا الانطباع الراسخ بأن العملية التعليمية – التعلمية تعيش ارتباكا واضحا يكاد يخرج عن السيطرة ، والسكوت عن هذا الوضع المتأزم الذي بلغه الاشتغال بين ظهرانيها وتيه بوصلتها نحو مزالق ، ربما ، يراد لها أن تسير نحوها ، يعد جريمة وتواطؤا وتآمرا على صغار هذا الوطن ، سيؤدي فاتورته البلد برمته ، كما سيحاسب عليه كل من أنيطت به مهمة ما بهذا القطاع ، طبقا للمبدأ التقييمي الرباني القائل : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، " يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " .
في البداية ، لا بد أن أسجل أن المدرسة الابتدائية تعيش إشكالية حقيقية أثثتها عوامل مدرسية ونفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية ... حتى أصبح العلاج عصيا ، ما دام الإصلاح يعتمد تجزير ميدان التربية والتكوين ، في غياب القطاعات الأخرى، والاقتصار على إدخال بعض " الروتوشات " الجزئية لا تتجرأ على وضع الأصبع على الداء الحقيقي .
ومنه ، وحتى لا يزايدن أحد علينا في هذا المضمار ، نقول إن كل محاولة إصلاحية لا تأخذ بعين الاعتبار مواصفات التلميذ النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وتتجاهل الشروط المدرسية والسياسية ... هي محاولات منقوصة ، تتغيى الاستهلاك وربح الوقت ليس إلا .
أما الآن ، وما دمنا نشتغل في لجة هذه الظروف ، ومادامت عجلة العملية التعليمية – التعلمية تدور بشكل أو بآخر ، فلا بد ، في زحمة تدبير اليومي هذا، أن ألفت النظر إلى عنصرين جديرين بالاهتمام ، سرعا في الآونة الأخيرة وتيرة التثاث كيفية التعامل مع الأنشطة المدرسية ، وغذيا اضطراب العمل داخل المؤسسة التعليمية ، بل وعرقلا اشتغال أثافي العملية التعليمية داخلها : ( المدرس والمدير والمفتش) ، وعندما يضطرب اشتغال هذه العناصر ، طبعا ، يؤدي التلميذ ثمن ذلك .
فما هما هذان العنصران ؟ وكيف يحدان من تدخل مختلف الأطر التعليمية ؟ وما المقترح لعلاج ذلك ؟
هذان العنصران هما :
1 - اعتماد المقاربة بالكفايات عبر مدخل بيداغوجيا الإدماج .
2 - مدرسة غير مؤهلة لاستيعاب عمل تربوي – تعليمي حقيقي .
مغرض من يلقي بلائمة ضعف أداء المدرسة على الأثافي الثلاثة السابقة ، التي تشتغل بالمؤسسة المدرسية ، ويحملها فشل المنظومة ويتهمها بمقاومة كل تجديد أو تحسين قد يطال العمل داخل هذه المؤسسة .
وساذج من يصدق ذلك . (صحيح أن ذلك قد يصدق على الناذر ، والناذر لا حكم له )
فبالنسبة للجيل الثاني من الأهداف ، على حد تعبير الأستاذ محمد الدريج ، فقد عرفت الدورات التكوينية الأخيرة الخاصة ببيداغوجيا الإدماج ، لجميع فئات هذا الثلاثي سالف الذكر ، انخراطا مسؤولا وإقبالا لافتا ، رغم الإكراهات والصعوبات التي رافقت ذلك ، وقد اجتهد من اجتهد وأبدع من أبدع ، وعقدت لقاءات تقييمية وتقويمية وتتبعية .
لكن عندما تعتقد العناصر الثلاثة المومأ إليها أن النخلة التي تعهدتها بالتربية قد أصبحت تداعب السحاب ، وتفزع لتهز بجذعها ، لا تساقط عليها رطب ، اللهم إلا البسر والحشف ، وشتان بين الرطب والبسر والحشف .
السؤال المشروع الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا هذه الحصيلة الزهيدة ؟
أقول مباشرة بأن ذلك عائد بشكل جوهري إلى أننا لا نحترم سنة كونية سنها الله عند إبداعه للكون وبقيت تتحكم في أطواره ، وهي أن لا جواز من حال إلى حال إلا بتوافر أسباب وشروط يتلاءم فيه الذاتي مع الموضوعي ويتلازم معه بشكل متماه ، ويلعب المقدار أو المقاس صمام أمان أمام كل فتنة أو طغيان أو تطرف .
من هذا المبدأ الرباني أستل مصطلح " المقاس " ، وقد أصبح مبدأ عالميا مسلما به ، يدعو إلى " تفصيل الحذاء على مقاس القدم " . لكن عندنا ، يبدو ، أننا نرغم على إكراه القدم على الدلف إلى الحذاء ، وهذا بيت الداء ، فيه تشويه للقدم والحذاء على حد سواء .
أستسمح إخوتي على استعارة هذا المثل ، فأشبه المقاربة بالكفايات بالحذاء ، والمدرسة المغربية بالقدم ، ثم أجزم بأن الأمر متطابق تماما للأسباب التالية :
1 – بالنسبة للمقاربة بالكفايات (الحذاء) : ليس المقام هنا مقام اتخاذ موقف من هذا الوافد الجديد أو الحكم عليه مسبقا، لأنه من الترف المتفلسف مناقشة الموجود بالقوة ، الذي لا يمتاح وجوده بالفعل إلا من خلال قدرته على الحياة الفعلية وتكيفه مع الشروط المحيطة به ، فالمقاربة بالكفايات وبيداغوجيا الإدماج الخارجة من رحمها ما دامت في حالة سكونية ، في بطون الكتب والكراسات والمطبوعات وخلال مناقشات " مربي الصالونات " ، لا يمكن لعاقل الحكم عليها لا بالسلب ولا بالإيجاب ، لأنها ، تماما كالحذاء في أسلية ، منتوج لا قيمة له إلا بمقدار ملاءمته واستجابته لظروف المدرسة المغربية وخصوصياتها وتحقيقه للأهداف المرومة منه ، في حمأة هذه الخصوصية .
وهذا عنصر مهم وأساس ، إذا أنعمنا فيه النظر أغنانا عن كثير من اللغط المجاني والاستهلاكي ، الذي قضم ويقضم وقت ومال وجهد هذا الوطن بدون مبرر وبلا نتائج كبيرة .
2 – أما بالنسبة للمدرسة المغربية (القدم ) : فيمكن تفكيكها إلى ميكانزمات جزئية تؤطر من خلال مستويات ثلاث :
أ – البنيات التحتية .
ج – البنيات البيداغوجية .
د – الوضعية المادية لنساء ورجال التعليم .
فعلاقة بعنصر البنيات التحتية ، نلاحظ أن في المجتمعات التي تحترم آدمية العنصر البشري وتجعله محورا وأداة وغاية للمشاريع التنموية ، تحتوي البنية المادية للمؤسسة التعليمية على :
· موقع مناسب .
· حجرات دراسية كافية وجيدة التصميم والبناء .
· الربط الدائم بالماء والكهرباء .
· مرافق صحية .
· مرافق رياضية جيدة التجهيز .
· تجهيزات وأدوات ومعينات ديداكتيكية كافية وملائمة .
· مكتبة .
· قاعة للأساتذة .
· سكنيات خاصة بالمدرسين تتوفر على كل شروط الراحة التي تحفظ كرامة امرأة و رجل التعليم .
· مكتب الإدارة وسكن رئيس المؤسسة .
· سور يحفظ حدود المؤسسة .
· حراسة تسهر على حماية هذا المرفق العمومي .
أما بالنسبة لعنصر البنيات البيداغوجية ، فجودة المردودية تبلغ عبر :
· معرفة دقيقة بالتلميذ في جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية .....ومساعدته على تجاوز إكراهاتها .
· تعليم أولي جيد وللجميع .
· مراكز لتكوين حقيقي ، معرفيا وبيداغوجيا .
· مدة كافية لتكوين الأساتذة .
· مواصفات وشروط صارمة لولوج هذه المراكز .
· تكوين مستمر حقيقي .
· عدد كاف من الأطر التعليمية .
· إدارة متفرغة لأدوارها التربوية والاجتماعية والإدارية .
أما بالنسبة للعنصر الثالث ، حول الوضعية المادية لنساء ورجال التعليم، فهم أجدر برواتب تحفظ كرامتهم .
لكن عندما نحاول قراءة مشهد المؤسسة التعليمية المغربية في ضوء هذه العناصر ، نجد أن أغلب المؤسسات التعليمية ، وخصوصا بالعالم القروي ، تشكو من :
· تموضع خارج التجمع السكاني ، غالبا ، بجانب المقابر.
· حجرات متهالكة وغير كافية .
· عدم الربط بالماء والكهرباء .
· غياب مرافق صحية .
· غياب مرافق و تجهيزات رياضية .
· نقص حاد في الوسائل والأدوات الديداكتيكية .
· عدم وجود مكتبات جديرة بهذا الاسم .
· غياب قاعة خاصة بالأساتذة .
· غياب سكنيات للأساتذة مستوفية لشروط الصحة والراحة والكرامة لرجل وامرأة التعليم .
· غياب سكن خاص بالإدارة التربوية يليق برئيس المؤسسة التعليمية .
· غياب سور يحفظ حدود هذا المرفق العمومي .
· غياب حراسة تسهر على حرمة هذا الملك العام .
كما نلاحظ ، بالنسبة للبنية البيداغوجية ، مايلي :
· لم نعثر على دراسة واحدة تعرفنا عمن هو تلميذ المدرسة الابتدائية المغربية .
· إن مراكز التكوين هي عبارة عن مراكز للتوظيف نظرا لغياب شروط دقيقة وصارمة لولوجها .
· تكوين عاد ينصب على جوانب نظرية لا يستأثر الجانب العملي فيه إلا ببضعة أسابيع .
· مدة تكوين غير كافية ، لينتقل فيها المكون ( بفتح الواو) ، من تلميذ أو طالب ، بعد سنتين ، إلى مرب ومعلم ؟؟
· غياب شبه كلي لتكوين مستمر خلال مزاولة العمل .
· خصاص كبير في الأطر التعليمية (مدرسون).
· خصاص كبير في أطر التفتيش ، وشروط عمل غير مشجعة .
· إدارة مدرسية غارقة في تدبير " الببراس " ، على حساب الأدوار الرئيسة الأخرى .
أما فيما يخص الجانب المادي لنساء ورجال التعليم ، فرواتبهم لم تعد تساير ارتفاع مستوى المعيشة المتسارع .
قد يكون من الإطناب شرح كيف تؤثر هذه العناصر على جودة عمل المدرس والمدير والمفتش ، ولهذا أترك للقارئ ( وخصوصا صاحب الدار) استخلاص ذلك .
عود على بدء
عدنا وما العود أحمد ، فمن خلال هذه النظرة السريعة عن واقع المؤسسة التعليمية وعناصرها الثلاثة المذكورة ، نكتشف ، أننا ما زلنا فقراء إلى مؤسسة تعليمية حقيقية ( القدم ). وعملا بمبدأ ترتيب الأولويات ، يمكن أن أجازف بالقول إن المشكل الحقيقي الذي تعاني منه المؤسسة التعليمية ليس هو المشكل البيداغوجي (الحذاء)، على أهميته ، بل إن المشكل الحقيقي ، في اعتقادنا ، هو ما تعلق بالعناصر المذكورة ( البنية المادية للمؤسسة والبنية البيداغوجية والعامل المادي لدى رجال التعليم ) .
مجرد اقتراح
كنا دائما نطالب بإصلاحات عبر مقاربات بيداغوجية جديدة (حذاء ) ، على مقاس القدم ( المؤسسة التعليمية )، وفجأة اكتشفنا أننا لا نتوفر على القدم ، وأن القدم التي نمتلك غير معافاة ، والحالة هذه ، رأينا من الضروري تأجيل فكرة شراء الحذاء إلى حين معالجة القدم ، فحتم علينا ذلك الرجوع خطوتين إلى الوراء لنطالب أولا بالقدم ، ثم بحذاء على مقاس هذه القدم .







0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More